نهاكَ عنِ الغواية ِ ما نهاكا | وَذُقْتَ منَ الصّبابَةِ ما كَفاكَا |
وطالَ سُرَاكَ في لَيلِ التّصَابي | وقد أصبحتَ لم تحمدْ سراكا |
فَلا تَجزَعْ لحادِثَة ِ اللّيالي | وَقُل لي إن جزِعتَ فما عَساكَا |
وكيفَ تلومُ حادثة ً وفيها | تبينَ منْ أحبكَ أوْ قلاكا |
برُوحي مَنْ تَذوبُ عليهِ رُوحي | وَذُقْ يا قلبُ ما صَنَعَتْ يداكَا |
لعمري كنتَ عن هذا غنياً | ولم تعرفْ ضلالكَ من هداكا |
ضنيتُ منَ الهوى وشقيتُ منهُ | وأنتَ تجيبُ كلَّ هوىً دعاكا |
فدعْ يا قلبُ ما قد كنتَ فيهِ | ألَستَ ترَى حَبيبَكَ قد جَفاكَا |
لقد بلغتْ بهِ روحي التراقي | وَقد نَظَرَتْ بهِ عَيني الهَلاكَا |
فيا مَنْ غابَ عني وَهوَ رُوحي | وكيفَ أُطيقُ مِنْ رُوحي انفِكاكا |
حبيبي كيفَ حتى غبتَ عني | أتَعْلَمُ أنّ لي أحَداً سِوَاكَا |
أراكَ هجرتني هجراً طويلاً | وَما عَوّدْتَني منْ قَبلُ ذاكَا |
عَهِدْتُكَ لا تُطيقُ الصّبرَ عني | وَتَعصي في وَدادِي مَنْ نَهاكَا |
فكَيفَ تَغَيّرَتْ تِلكَ السّجايَا | وَمَن هذا الذي عني ثَنَاكَا |
فلا واللهِ ما حاولتَ عذراً | فكُلّ النّاسِ يُعذَرُ ما خَلاكَا |
وما فارقتني طوعاً ولكنْ | دَهاكَ منَ المَنيّةِ مادَهَاكَا |
لقد حكمتْ بفرقتنا الليالي | ولم يكُ عن رضايَ ولا رضاكا |
فلَيتَكَ لوْ بَقيتَ لضُعْفِ حالي | وكانَ الناسُ كلهمُ فداكا |
يعزّ عليّ حينَ أديرُ عيني | أفتشُ في مكانكَ لا أراكا |
وَلم أرَ في سِوَاكَ وَلا أرَاهُ | شمائلكَ المليحة َ أو حلاكا |
خَتَمْتُ على وَدادِكَ في ضَميري | وليسَ يزالُ مختوماً هناكا |
لقد عجلتْ عليكَ يدُ المنايا | وما استوفيتَ حظك من صباكا |
فوا أسَفي لجِسمِكَ كَيفَ يَبلى | ويذهبُ بعدَ بهجتهِ سناكا |
وما لي أدعي أني وفيٌّ | ولستُ مشاركاً لكَ في بلاكا |
تموتُ وما أموتُ عليكَ حزناً | وَحق هوَاكَ خُنتُكَ في هوَاكَا |
ويا خجلي إذا قالوا محبٌّ | ولم أنفعكَ في خطبٍ أتاكا |
أرَى الباكينَ فيكَ مَعي كَثيراً | وليسَ كمنْ بكى من قد تباكى |
فيا مَن قد نَوَى سَفَراً بَعيداً | متى قُلْ لي رجوعُكَ من نَوَاكَا |
جزاكَ اللهُ عني كلّ خيرٍ | وَأعْلَمُ أنّهُ عني جَزَاكَا |
فيا قبرَ الحبيبِ وددتُ أني | حملتُ ولوْ على عيني ثراكا |
سقاكَ الغيثُ هتاناً وإلاّ | فحسبكَ من دموعي ما سقاكا |
وَلا زَالَ السّلامُ عَلَيكَ مني | يرفّ مع النسيمِ على ذراكا |
- بهاء الدين زهير